بنیاد ایران شناسی-موسسة الدراسات الایرانیة

الأدیان والمعتقدات فی إیران

القسم الأول: الأدیان القدیمة فی إیران

الدین والدراسات المختصّة بالأدیان هی بلا شك من الظواهر التی ترتفع قامتها الفارعة لتناطح سقف الحیاة الإنسانیة منذ فجر ظهورها.

تدل شواهد علم الآثار على حقبة من التاریخ ترجع إلى أربعین أو ستین ألف سنة ماضیة، وتشیر الآثار التاریخیة المكتشفة فی غرب إیران (لرستان) إلى شیاع كبیر للمراسم الدینیة والعقیدیة فی تلك المناطق. ولحسن الحظ فإن هذه الحقیقة تنقض آراء العدید من الباحثین وعلماء الإنسان الغربیین، ومنهم الإنجلیزی جون بولاك، ممن یذهبون إلى وجود فترات من اللادین عاشها الإنسان خلال الأحقاب الأولى من تاریخه. یقول بولاك: المرحلة الأدنى من مراحل حیاة الإنسان هی مرحلة اللادین وعدم معرفة إله.

رسالة الدین هی أن یوفر لكل البشر الفكر والتعقل والحریة المعقولة والكرامة والشرف الإنسانی. وفی هذا السیاق فإن قضیة: كیف یتناول المفكرون والباحثون الدینیون الدین ومن أیة زاویة وبأیة آلیات وأدوات، بل بأیة أداة أو أدوات یمكن أساساً دراسة الدین بنحو أفضل، فهذا سؤال شغل باستمرار أذهان الكثیر من الباحثین.

و كما مرّ بنا القول فإن قدم الأدیان على الأرض یرجع إلى قدم وجود الإنسان على وجه هذا الكوكب الأرضی، وهو ما تقرر بأمر من الذات الإلهیة المقدسة. وبتسلیط أضواء البحث والتمحیص على حیوات الناس ومعتقداتهم نصل إلى حقیقة أنه حتى أكثر البشر والمجتمعات البشریة بدائیة كان لها نوع من المعتقدات الدینیة.

والواقع أنه فی هذا العالم الكبیر منذ بدایة خلقته وإلى الوقت الحاضر، كان للناس بكل طوائفهم وقومیاتهم وأنواعهم المختلفة، كان لكل جماعة منهم منهجها ومسلكها ومعتقداتها الخاصة، وقد اتخذت لها دساتیر وتعالیم دینیة معینة لأداء مراسیمها الدینیة، ونقلت معتقداتها وطقوسها إلى أبنائها وأخلافها جیلاً بعد جیل على مرّ الزمان. ثم سجّل المؤرخون كل واحد من هذه المناهج والمسالك كدین ومذهب خاص بهذه الجماعة البشریة أو تلك، ووثقوا هذه المذاهب والأدیان ودوّنوها لتتعرف علیها الأجیال القادمة. وقد أیّد القرآن الكریم هذه الحالة إذ قال: كل حزب بما لدیهم فرحون (سورة المؤمنون، الآیة 53).

وبالطبع فقد بدأ معظم الباحثین دراساتهم حول أدیان البشر البدائیة من المراسم والطقوس الخاصة بسكان الكهوف.

منذ أن عرف البشر الأوائل أنفسهم اعتقدوا أن بمستطاعهم استمداد المساعدة والعون من قواهم الماورائیة، فراحوا یطلبون العون والمساعدة منها. لذلك بدأوا یعبدون تلك القوى الخارقة. وعلیه، فالبشر الأوائل كانوا یؤمنون بقوى فوق طبیعة، والكثیر من أعرافهم الثقافیة تعود إلى مثل هذه المیول الماورائیة. إذن، بالتدقیق فی حیاة البشر الأوائل یمكن الاستنتاج أن الإنسان كانت له حیاته الدینیة فی كل العصور والأزمان. ولم یكن الإیرانیون مختلفین عن غیرهم فی هذا المجال، بل لقد كانوا فی كثیر من الحالات رواداً وطلیعیین على هذا الصعید، وكان للدین - ولا یزال - دور كبیر فی الحیاة الفردیة والاجتماعیة لكل الإیرانیین، لذلك من الضروری لمعرفة هذا الشعب ومعرفة هویته تسلیط الضوء على تاریخ دینه والمعتقدات والمراسم الدینیة عنده.

الدین ظاهرة مستقلة عن باقی الظواهر الاجتماعیة لكنه لیس عدیم الصلة بباقی ظواهر الحیاة، لذلك فإن الشؤون السیاسیة والاقتصادیة التی یعیشها الشعب تؤثر فی الظاهرة الدینیة لدیه. أضف إلى ذلك بما أنه لا یوجد شعب من الشعوب یستطیع أن یبقى معزولاً عن الآخرین لفترة طویلة من الزمن ولا یرتبط بأواصر معینة مع سائر الأمم والشعوب، فإن الشؤون الاجتماعیة للشعوب الأخرى تؤثر فیه شاء ذلك أم أبى، وتترك بصماتها على مسیرته الاجتماعیة. فی ضوء هذه الحقائق فإن التاریخ الشامل للدین فی إیران لا بدّ أن یهتم لكل هذه العوامل المؤثرة والعلاقات والتأثیرات المتبادلة.

الروایات الدینیة (العهد العتیق، والعهد الجدید، والقرآن الكریم) والآثار المتوفرة عن أقدم أحقاب الحیاة الإنسانیة، تدل كلها على تدین الإنسان ودور الدین فی حیاته. ویشیر علم النفس التاریخی إلى أن البشر لم یكونوا بلا دین ولا عقیدة حتى للحظة واحدة منذ فجر الحیاة الإنسانیة وإلى العصر الحاضر. وهذا ما تدل علیه أیضاً أشكال العبادة فی جمیع عصور التاریخ. وعلیه، إذا قسّمنا تاریخ تكامل البشر إلى حقبتین أو مرحلتین أساسیتین، سنجد أنه فی المرحلة البدائیة من حیاة البشریة كان الإنسان مؤمناً ومتدیناً وصاحب عقیدة. وتبدأ حقبة تألق التدین البشری من المرحلة التی اكتسب فیها البشر تكاملاً عقلیاً ومعرفیاً، وهذه المرحلة هی التی وصلتنا عنها تقاریر دینیة تفید وجود الأنبیاء والرسل.

على هذا الأساس، تأسّس فی مایو أیار 2014 م فریق عمل «دراسات الدین وإیران» بهدف التعرّف على الأدیان والمذاهب على مدى التاریخ ومكانة الدین فی أفكار الإیرانیین وتأثیر الأدیان والمعتقدات الإیرانیة على أسلوب حیاة الناس. فی هذا القسم یصار إلى دراسة ماهیة الدین والتحول والتكامل الذی شهدته الأدیان، وتصنیفها وتبویبها، والدین ومكانته فی أفكار الإیرانیین، والأدیان الإیرانیة الأولى، والأفكار والآراء المعنویة فی إیران القدیمة، وتصورات الناس حول الدین، والأدیان والمذاهب لدى الشعب الإیرانی، وكیفیة تأثیر هذه الأدیان والمذاهب على الإیرانیین خلال الأزمنة التاریخیة المختلفة منذ الأحقاب القدیمة وإلى دخول الإسلام أرض إیران، وكذلك بعد اكتساب المذهب الشیعی الطابع الرسمی فی إیران وصولاً إلى الزمن الحاضر. بالنظر إلى أن الدین له وشائجه القویّة بمختلف مرافق الحیاة الإنسانیة، لذلك فهو صاحب علاقات وتأثیرات متبادلة مهمة مع سائر مجالات الحیاة الاجتماعیة ومنها المجالات الثقافیة والسیاسیة والاقتصادیة، فهو یؤثر فیها ویتأثر بها. الفنون والأعراف والتقالید والآداب والأخلاق واللغة والعلوم المختلفة والمفاهیم والقیم والمراسم والمؤسسات الدینیة فی كل مجتمع كان لها أواصرها بالدین على خلفیة الوجود الحضاری لذلك المجتمع، ولا تزال لها مثل هذه الأواصر الوطیدة وستبقى هذه الصلات قائمة إلى نهایة حیاة النوع البشری، لذلك كان الأسلوب الأساسی لنشاط فریق العمل هذا هو البحث الشامل لمعرفة الدین وتدوین أطلس دینی ذی علاقة بالوجوه المتنوعة لحیاة المجتمع البشری فی إیران، سواء السیاسیة منها أو الاقتصادیة أو الاجتماعیة أو الثقافیة أو الأنثروبولوجیة، ودراسة سلسلة الأدیان وتنوّع المعتقدات الدینیة فی إیران.

ما الدین؟

تدل الدراسات التاریخیة على أن الدین كان توأم الإنسان منذ ولادته، وقد كانت البشریة منذ فجر حیاتها على الأرض، وبأمر من الفطرة، ولغرض تأمین احتیاجاتها الروحیة، میّالة دوماً نحو الدین والتدین (برموزه وشعائره المتنوعة)، وكانت تقدس وتعبد ظاهرة أو أكثر من الظواهر الطبیعیة أو الماورائیة، بصرف النظر عن صحة أو عدم صحة تلك المعتقدات والممارسات.

ربما لا نكون قد بالغنا إذا قلنا إن الدین هو أهم و أنفذ عامل صانع للثقافة فی معظم المجتمعات البشریة ومن بین مختلف الشؤون والعوامل الصانعة للثقافة. وربما أمكن وصف مثل هذه الشعوب بأنها شعوب دینیة لأن الدین یؤثر فی حیاتها أكثر من غیره من الجوانب والعوامل الثقافیة.

كلمة الدین المشتركة فی اللغات الإیرانیة والسامیة تعنی المعتقد والانتماء، ویبدو أن الدین مفردة إیرانیة وفارسیة تسرّبت لاحقاً إلى اللغات السامیة (العبریة والآرامیة والعربیة).

الدین فی الأبستاق (الأوستا) یعنی الضمیر والوجدان الطاهر، وقد ورد على شكل دئنا أو دینا (Daena) التی تعنی الضمیر. وقد استخدمت مفردة الدین فی الأدبیات الدینیة البهلویة بأشكال متعددة. فی الوقت الحاضر یستخدم الزردشتیون كلمة «بهدین» أو «دین بهی» للتعبیر عن دیانتهم.

معنى الدین فی اللغات السامیة وخصوصاً الآرامیة (الأقوام التی سكنت شمال ما بین النهرین) بمعنى القضاء والحكم والفصل، كما أنه یعنی الطاعة والانقیاد.

وردت مفردة الدین فی لغة العرب بمعنى «الطاعة والانقیاد» أیضاً، كما أنها استخدمت بمعنى الشریعة والمعتقد.

استخدمت مفردة الدین فی القرآن الكریم بصیغة المفرد دائماً. ما عدا المعانی والمفاهیم المذكورة، تعنی كلمة الدین أیضاً یوم الجزاء والقیامة: «مالك یوم الدین».

فی اللغات المشتقة من اللاتینیة وردت كلمة الدین على شكل «Religion» بمعنى الآصرة والارتباط الروحانی بین أناس لهم عقیدة مشتركة.

و قد عُرّف الدین من وجهة نظر الإسلام بشكلین:

1 - الدین عبارة عن قانون ومؤسسة إلهیة تضمّ أصولاً وفروعاً. الدین أنزل من الله على الناس العقلاء. والأصول هی المعتقدات النفسانیة والباطنیة والأمور النظریة مثل الإیمان بالله الواحد ویوم البعث و... وتشمل الفروع تطبیق الأعمال والممارسات الدینیة مثل الصلاة والصیام و.... .

2 - الدین عبارة عن الإقرار باللسان والاعتقاد الداخلی بالثواب والعقاب فی عالم آخر، والعمل بالأركان والأوامر الدینیة.

و علیه یكون تعریف الاعتقاد بالدین ذا ثلاثة جوانب:

الإقرار باللسان، والاعتقاد بالجنان، والعمل بالأركان.

صنوف الأدیان:

تبویب المذاهب والأدیان فی التاریخ على أساس الأعراق سیفضی إلى النتیجة أدناه:

1 - أدیان أقوام عاشوا على ثمار الأشجار والصید.

2 - أدیان أقوام زاولوا الزراعة والبستنة.

3 - أدیان أقوام عاشوا على الرعی وتربیة المواشی.

4 - أدیان أقوام وشعوب یعتبرون متحضّرین.

أما تصنیف الأدیان على أساس علم الاجتماع فینتهی إلى النتائج أدناه:

1 - أدیان شاملة مثل عبادة الطوطم و... .

2 - أدیان الشعوب والقبائل مثل تعدد الآلهة فی الیونان القدیمة وبین النهرین والهند.

3 - الأدیان العالمیة الشاملة مثل الیهودیة والمسیحیة والإسلام.

طبقاً للآیة 17 من سورة الحج «إن الذین آمنوا والذین هادوا والصابئین والنصاری والمجوس والذین أشركوا ... »، یقسّم الإسلام الدین أو الأدیان فی العالم إلى ثلاث فئات:

1 - الدین الإسلامی أو المؤمنون به ومعتنقوه.

2 - أدیان الیهود والصابئة والنصارى والمجوس (الزردشتیین)، حیث یعدّ أتباع هذه الأدیان من أهل الكتاب.

3 - أدیان المشركین والتی تشمل أدیان سائر الناس فی العالم مثل الأدیان البدائیة والقدیمة، والدین الهندوسی، والدین البوذی و... .

الدین الحق من وجهة نظر القرآن الكریم هو دین الإسلام، وأدیان الفئة الثانیة أی الیهودیة والمسیحیة والصابئیة والمجوسیة أو المزدیسنیة هی حسب رأی الإسلام من الأدیان المنسوخة، لأن كل واحد من هذه الأدیان ینسخ بمجئ الدین اللاحق، وقد نسخت كلها واحداً تلو الآخر إلى أن جاء الدین الإسلامی وهو أكمل الأدیان الإلهیة وآخرها فنسخها جمیعاً. بالإضافة إلى الفئة الثانیة من الأدیان فإن أدیان العالم الأخرى تعدّ فی العقیدة الإسلامیة باطلة وغیر إلهیة، ولا تعتبر من أدیان أهل الكتاب.

و قد عرض بعض علماء الاجتماع والمفكرون تقسیمات للأدیان فی العالم منها:

1 - الأدیان البدائیة: والمقصود من الأدیان البدائیة الأدیان التی یمكن ملاحظتها حالیاً بین الأقوام المتخلفة، أو التی كانت شائعة لدى البشر فی عصور ما قبل التاریخ.

2 - الأدیان الراقیة أو التقدمیة: وهی أدیان تعدّ فی الوقت الراهن من معتقدات الشعوب المتحضّرة.

و أحیاناً یقسّمون أدیان العالم على النحو التالی:

1 - الأدیان المنقرضة أو القدیمة أو المطفأة: وهی أدیان كان لها فی الماضی الكثیر من الأتباع والمعتنقین، لكنها زالت حالیاً ولم یعد لها أتباع، مثل أدیان شعوب ما بین النهرین، ومصر القدیمة، والیونان القدیمة، والروم القدیمة.

2 - الأدیان الحیّة فی العالم: وتشمل أدیان لها فی الوقت الحاضر أتباع على مستوى العالم، ومثال ذلك الإسلام والیهودیة والمسیحیة والزرادشتیة والهندوسیة والبوذیة و... .

الفائدة من دراسة تاریخ الأدیان

حیث أن الفكر الدینی هو أول عقیدة فلسفیة ظهرت بین البشر الأوائل فی سالف العصور، وبسبب اهتمام الإنسان بماوراء الطبیعة منذ الأزمنة السحیقة، فقد ظهرت هذه الأفكار فی ذهنه وتطورت تدریجیاً وكوّنت الحضارات البشریة الأولى. إذن، دراسة الأفكار الدینیة للشعوب تتحفنا بمعارف حول تطورات الفكر البشری خلال الأحقاب المختلفة والمجتمعات على تنوّعها. ثم إننا سنطلع بذلك على مصادر أفكارنا الحالیة ومنابتها ومدى تأثیر الأفكار الدینیة للمجتمعات المختلفة بعضها فی بعض، كما سنطلع على تأثیرات الأقالیم الجغرافیة المتنوّعة فی ظهور دین من الأدیان وتطوره. إنها البیئة الاجتماعیة التی استطاعت على طول التاریخ إفراز مشرّعین وأنبیاء كانوا متأثرین بشكل مباشر أو غیر مباشر بالأفكار الإیجابیة والسلبیة لأزمنتهم.

و هكذا فدراسة تاریخ الأدیان تطلعنا على التحولات الفكریة للبشر على مدى الأزمنة والأمصار المختلفة، وتبین لنا مصدر الأفكار والمعتقدات الاجتماعیة. وبهذا فإن تاریخ الأدیان یعمل على تنمیة وتموین علوم مثل الفلسفة وعلم الاجتماع والتاریخ والجغرافیا الإنسانیة و... ، ویساعد الإنسان على الوصول إلى الكمال الإنسانی والمعرفة بالله.

الكثیر من الباحثین والعلماء یوزعون الشعور الدینی للإنسان إلى ثلاث مراحل:

یمرّ شعور الإنسان بثلاث مراحل على التناوب: المرحلة اللسانیة، وفی هذه المرحلة یقیس الإنسان الظواهر بنفسه، ویعتبرها أقوى منه. والمرحلة الثانیة هی الحالة المیتافیزیقیة التی یغضّ الإنسان فیها الطرف من أجل تفسیر الظواهر عن القوى الطبیعیة ویلجأ إلى عالم المجردات وما وراء الطبیعة، والمرحلة الثالثة هی الحالة العلمیة التی یقارن فیها الإنسان الظواهر بعضها ببعض.

فی الحالة اللسانیة تبدأ تطورات الإنسان الفكریة من مذهب «فتیش» حیث یرى أن الأرواح الصالحة والشریرة ذات دور فی تقریر مصیره، ثم یعبد الآلهة المتعددة. أی إن الأرواح التی یكون عددها أقل وقدراتها أكبر تحظى باهتمامه وعبادته وتضرّعه، وبعد مضیّ مدة من الزمن یراكم هذه الآلهة المتعددة ویكثفها ویجعلها إلهاً واحداً وینخرط فی التوحید أو عبادة الإله الواحد. التوحید هو تلك المرحلة التی یشغل فیها الشعورُ الإنسانَ بما وراء الطبیعة أولاً ثم یشغله بالطبیعة.

یعبد البدو الزنوج نوعاً من القوى ماوراء الأشیاء المادیة یمكن مقارنتها بالأرواح.

الفیتیشیة أو عبادة الأرواح من أكثر أدیان البشر بدائیة.

الفتیش شیء أو أشیاء مثل الخرز أو الحصى الصغیرة أو كبعض الأشیاء المباركة التی كان البدو یعبدونها. شقوق الجبال كانت معابد البشر الأوائل، وعندما وجد البشر الأوائل هذه الشقوق والكهوف وجدوا فیها خرزاً نحتوها وصقلوها بدقة وثقبوها وربطوا بینها بخیوط واحتفظوا بها هناك. وكان البدائیون یعبدونها بمسّها ولمسها وتقبیلها.

الفتیش بمعنى الاعتقاد بقداسة بعض الأشیاء الطبیعة

أضف إلى ذلك أن الفتیش هو أیضاً بمعنى الاعتقاد بقوى غامضة فی بعض الأجسام والحیوانات.

طبعاً ینبغی هنا الإشارة إلى نقطة مهمة وهی أن البدویین أو البدائیین فی بعض القبائل فی بعض الجزر البعیدة والبلدان الأفریقیة، وبسبب ابتعادهم عن مظاهر التحضر والتقدم وعدم صلتهم بسكان المناطق المتقدمة، كان لهم فی الحقیقة معتقدات وانتماءات البشر الأوائل من قبیل إنسان نیاندرتال أو كرومانیون التی تتنقل جیلاً بعد جیل مشافهة عبر الصدور. كان لهؤلاء البدائیون فضلاً عن الفتیشیة معتقدات أخرى مثل الإنیمیة والطوطمیة سوف نتطرق لإیضاحها فی فقرات لاحقة. لكن ینبغی أولاً التعرف على إنسان نیاندرتال وكرومانیون أكثر.

معتقدات إنسان نیاندرتال:

لا توجد وثائق عن معتقدات هذا الإنسان القدیم، ولكن یظهر من الآثار والأشیاء المكتشفة فی قبور هذا الإنسان إنه كان یعبد الأرواح. وقد كان إنسان ذلك الزمن یتصور أن للموتى حیاة جسمانیة غامضة.

معتقدات إنسان كرومانیون:

إنسان كرومانیون أیضاً كان یدفن موتاه فی مكان خاص ویضع فی قبورهم الأسلحة والحلیّ وأنواع الطعام.

أنسان نیاندرتال وكرومانیون متشابهان من وجوه كثیرة، ومن تلك الوجوه أن كلاهما كان یعتقد بقدرة فائقة للأرواح وتأثیراتها على حیاة الأحیاء. ولكن یبدو أن إنسان كرومانیون كان یعبد بعض الحیوانات علاوة على عبادة الأرواح.

لقد استمد الباحثون هذه النظریة من أشكال الحیوانات المحفورة فی الآثار المكتشفة عن عصور الكرومانیون. وقد ذهب بعض الباحثین إلى أن هذه الأشكال تمثل نوعاً من السحر والشعوذة.

الإنیمیة (عبادة الأرواح)

الإنیم بمعنى الهیاج والإثارة وهی كلمة تعنی لغویاً الروح. تعتبر الإنیمیة من المذاهب والأدیان البدائیة. لقد كان عبدة الأرواح من القبائل البدویة البدائیة التی تعتقد بوجود أرواح غیر مرئیة خاصة، وكانوا یعتقدون أن هذه الأرواح لها خصائص وصفات تشبه شخصیة الإنسان ولها وعی وإرادة وصفات مثل الحقد والكراهیة والحبّ والمودة والخدمة والخیانة. وكانت الأرواح تمنح البشر الحیاة والحركة.

الطوطمیة

عبادة الطوطم دین آخر من الدیانات البدائیة كان أتباعها یحاولون أن یتشبهوا فی مراسمهم العبادیة بأیّ شیء أو حیوان (وبالحیوانات غالباً) یعبدونه، ویقلدونه من حیث المظهر والملبس والحركات. وقد كانوا یحرّمون على أنفسهم أكل لحم الطوطم ویعتبرون أنفسهم مولودین من الطوطم ویعتبرونه رایة خلود مجتمعهم وقبیلتهم ومصدر الجمال والعظمة.

تعدّ القبائل البدویة وبعض القبائل الموجودة الیوم فی أفریقیا والهند وأمریكا الشمالیة وأسترالیا ممن یعیشون حیاة بدائیة، من أتباع هذا المعتقد أو الدین.

جميع الحقوق محفوظة لموقع مؤسسة الدراسات الإيرانية 2016 م

العنوان: طهران، شارع الشيخ البهائي (الجنوبي)، شارع إيران شناسي، مدينة والفجر )

التصميم والتنفيذ: دائرة الحاسبات و تقنية المعلومات