رئیس مؤسسة الدراسات الإیرانیة یزور الموقع الأثری لاكتشاف هیكل عظمی فی جنوب طهران یعود لسبعة آلاف سنة

زار آیة الله السید محمد الخامنئی رئیس مؤسسة الدراسات الإیرانیة بتاریخ 9 أیار 2015 م الموقع الأثری لاكتشاف هیكل عظمی یعود لسبعة آلاف سنة فی منطقة مولوی جنوب طهران، وأطلع عن قرب على سیاق التنقیبات والدراسات التی أخضع لها الهیكل العظمی المذكور.

وأفاد تقریر للعلاقات العامة فی مؤسسة الدراسات الإیرانیة أن الدكتور محمد إسماعیل إسماعیلی جلودار المشرف على لجنة التنقیب أوضح أن اكتشاف هذا الهیكل العظمی أثناء حفریات شركت إسالة المیاه والصرف الصحی فی محافظة طهران، یعود لدقة أحد الطلبة الجامعیین الدارسین فی فرع الآثار، الذی تنبّه إلى وجود آثار معماریة وقطع فخاریة تعود للعهد القاجاری. وبعد إعلام مركز الأبحاث الأثریة وإصدار ترخیص بالتنقیبات الأثریة الفوریة، توقفت عملیات حفریات شركة إسالة المیاه والصرف الصحی من أجل أجراء بحوث وتنقیبات أثریة، وبعد الإشراف على أعمال حفریات شركة إسالة المیاه والصرف الصحی، والبحث والتنقیب فی الموقع، تم استنتاج المعلومات الأثریة التالیة:

فی الطبقات الأعلى لدفن الهیكل العظمی، تم الحصول على مواد ثقافیة هی: فخار وزجاج وأحجار مفروشة أرضاً، وطریق ترابی، تعود للعهود الإسلامیة (أواخر العهد التیموری، والعهد الصفوی، والعهد القاجاری). بسبب وضع أنابیت میاه وأنابیت صرف صحی قبل أربعین أو خمسین سنة، تم اكتشاف المواد الثقافیة للعهد الإسلامی فی هذا الموقع بشكل مضطرب. وبعد ذلك، وفی عمق أكبر، تم العثور على مواد تعود إلى طبقات ما قبل التاریخ. وقد دلّت الفحوصات الأولیة على عودتها إلى الألف الخامس قبل المیلاد، أی إلى ما قبل سبعة آلاف سنة تقریباً. كما تمّ اكتشاف تراب بكر ومن تحته ممر قناة حفرت فی العهد الإسلامی وفی قلب التراب البكر تحت طبقة دفن الهیكل العظمی. وتشیر الدراسات الأنثروبولوجیة الأولیة التی أجریت على هذا الهیكل العظمی إلى دفن إمرأة فی نحو سن الـ 22 إلى 40 سنة فی هذا المكان، وتجری حالیاً دراسات جینیة أثریة على الهیكل العظمی.

و قالت الدكتورة حمیدة چوبك رئیسة مركز الدراسات الأثریة فی منظمة التراث الثقافی والصناعات الیدویة والسیاحة إن كل مكان فی إیران یشهد على وجود البشر، وتراكم الآثار الثقافیة فیه یعتبر نادراً فی العالم، ویقدّر الخبراء ماضی سكن الإنسان فی طهران بنحو سبعة آلاف سنة أو حتى أكثر من ذلك. وتابعت الدكتورة چوبك تقول: وجود هیكل حراری إلى جانب هذا الهیكل العظمی یدل على تقلید إشعال نار عند رأس الموتى، وهو تقلید استمر لحد الآن منذ سبعة آلاف سنة.

وأشارت الدكتورة چوبك إلى منطقة اكتشاف الهیكل العظمی القریبة من ری القدیمة - وهی أكبر مركز ثقافی وحضاری فی العصور القدیمة ومن المواقع الكبیرة للتشیّع فی إیران - قائلة: كثرة البناء والعمران فی العقود الأخیرة تسبّبت فی زوال طبقات فیزیاویة وحتى معنویة عن هذه المنطقة التاریخیة والأثریة، وفی حال عدم تعاون باقی المؤسسات والمنظمات المختصة ببناء المدن مثل بلدیة طهران وشركة قطارات الأنفاق على مستوى القیام بتنقیبات أثریة قبل تنفیذ عملیات البناء والحفریات، فسوف نواجه كارثة زوال كامل لهذه المواقع الثقافیة والحضاریة الكبرى. وأعلنت الدكتورة چوبك عن توقیع ورقة تفاهم بین هاتین المنظمتین مطالبة بمزید من التعاون بین المؤسسات والمنظمات المختصة ببناء المدن.

و حسب تصریح السید صدقی الباحث الآثاری فإن أقدم الآثار المكتشفة لهیاكل الإنسان العظمیة فی طهران إلى ما قبل اكتشاف هذا الهیكل العظمی، هی تلك المكتشفة فی تلال قیطریة (شمال العاصمة طهران) والتی ترجع إلى ثلاثة آلاف سنة. وأوضح صدقی أن نوع الدفن وجهته والفخار الأحمر المنقوش المستخدم عند رأس الهیكل العظمی یتجانس مع ثقافة منطقة «چشمه علی» الأثریة فی مدینة الری جنوب طهران، والتی تبعد سبعة كیلومترات عن محل اكتشاف الهیكل العظمی. وهذا الاكتشاف یضیف أربعة آلاف سنة إلى تلك الثلاثة آلاف سنة، ویرفع ماضی سكن البشر فی طهران إلى سبعة آلاف سنة.

و قال آیة الله السید محمد الخامنئی رئیس مؤسسة الدراسات الإیرانیة فی هذا الزیارة إن ماضی الهیكل العظمی المكتشف فی ضوء تخمین السبعة آلاف سنة، یعود إلى عهود ما قبل الآریین والعیلامیین. وبالنظر لجهة الدفن - باتجاه الشرق (الشمس) - فإنه یستدعی مزیداً من البحوث والدراسات بخصوص معتقدات وتقالید تلك الحقبة. كما اقترح رئیس مؤسسة الدراسات الإیرانیة إقامة ملتقیات واجتماعات مشتركة فی مجالات علم الآثار وعلم الأساطیر والدین والتاریخ وعلم الإنسان وما شاكل بهدف تعریف تاریخ إیران ومعتقداتها وأدیانها وأقوامها و... ، وسیكون بالإمكان نشر نتائج هذه الملتقیات من قبل مؤسسة الدراسات الإیرانیة باعتبارها مسؤولة عن تعریف إیران للجمیع على الصعیدین الداخلی والخارجی.

و زار آیة الله السید محمد الخامنئی مكان دراسة وفحص الآثار الثقافیة المكتشفة فی الموقع الأثری الذی اكتشف فیه الهیكل العظمی (والمعروف بقبر آقا) عن قرب، وشاهد المواد الثقافیة المكتشفة واستمع للإیضاحات التی قدّمها المتخصصون. واطلع سماحته على أنواع الفنون المستخدمة فی مجموعة «قبر آقا» بما فی ذلك فنون مرآیا الإیوان والمزار، وقدّم التوصیات اللازمة للحفاظ على هذه المجموعة من الأضرار الطبیعیة والبشریة، وأوصى فی الختام منظمات وأجهزة مثل شركة إسالة الماء والصرف الصحی فی محافظة طهران بضرورة التعاون مع علماء الآثار من أجل رفع مستوى معرفة المجتمع بماضیه.