بنیاد ایران شناسی-موسسة الدراسات الایرانیة

القسم الثانی: ضرورة دراسة الأدیان فی إیران القدیمة

حظیت دراسة المعتقدات والأدیان لدى الإیرانیین القدامى باهتمام خاص منذ عدة قرون ولأسباب متعددة. وربما أتیح القول إن السبب الأساسی لإقبال الباحثین فی الثقافة والتاریخ البشریین على دراسة تاریخ إیران القدیمة وثقافتها والأدیان التی شاعت فیها هو المكانة الخاصة والتأثیر العمیق الذی تركته الأفكار الفلسفیة والمعتقدات الدینیة للإیرانیین السلف فی تكوین وتطویر الرؤى الكونیة والتصورات والأفكار الفلسفیة المعروفة لدى الأقوام والشعوب الأخرى فی العالم.

فی دراسة مسار تطور الأفكار البشریة یتجلى تأثیر ونفوذ الرؤیة الكونیة الإیرانیة فی الزمن الماضی على الأقوام والشعوب المجاورة والبلدان والأقالیم خارج الحدود الإیرانیة. یذهب لفیف من الباحثین إلى أن الشكل النهائی لفلسفة إفلاطون یحمل بصمات معرفته بمعتقدات المغان والإیرانیین القدماء. كما أن نفوذ وتغلغل المذهب المیترائی أو عبادة مهر إلى أقصى مناطق أوربا یعدّ هو الآخر من النماذج على الأثر العمیق الذی تركته المعتقدات والرؤیة الكونیة الإیرانیة القدیمة على أفكار الأقوام والأمم الأخرى فی العالم ومعتقداتها.

من هنا كان البحث والتحقیق فی مسار تطور الأفكار والمعتقدات الإنسانیة یستلزم دراسة دقیقة للآراء والعقائد الدینیة الشائعة فی أماكن نشوء الحضارات العالمیة مثل بلاد ما بین النهرین ومصر والهند والیونان وكذلك إیران القدیمة. ینبغی التنبّه إلى نقطة فحواها أنه فی إیران القدیمة كما فی باقی الحواضر المهمة لم یكن هناك فی بدایة المطاف دین توحیدی واحد هو الدین الزرادشتی، إنما كان هناك منذ القدم فی هذه الأرض الواسعة فرق وجماعات دینیة متعددة من قبیل الفرق المتعددة الآلهة والثنائیة العبادة و... لكن الشعب الإیرانی سرعان ما تخلى عن تعدد الآلهة واختار طریق التوحید بظهور الدین الزردشتی الذی أضحى فی العصر الساسانی الدین الرسمی للبلاد. وإلى جانب الدین الزردشتی ظهرت أدیان ومعتقدات أخرى فی هذه البلاد بقی البعض منها غیر معروف إلى فترات قریبة، ومن ذلك مذهب عبادة مزدا، وعبادة مهر «الدیانة الزروانیة» التی شاعت باحتمال كبیر خلال العصر الأخمینی فی غرب وجنوب غرب إیران. هذا بالإضافة إلى ما نعرفه من انتشار الدین المانوی والدین المزدكی فی بلاد إیران إبان الحقبة الساسانیة.

لذلك ینبغی العكوف على معرفة وإعادة معرفة الفرق والمذاهب والأدیان فی إیران القدیمة من نواح ووجوه متعددة. من جهة أخرى تؤید البحوث التاریخیة والدراسات الدینیة وجود أنبیاء إلهیین وحكماء موحدین فی إیران القدیمة. ویحظى هذا الموضوع بأهمیة بالغة لعدة أسباب: الأول أنه یكشف النقاب عن الجذور الوحیانیة لبعض التعالیم الدینیة فی إیران القدیمة مثل الاعتقاد بالخالق تعالى والجنة والجحیم. وثانیاً یدحض فكرة أن كل الناس فی إیران كانوا یعبدون النار أو الشمس أو ما إلى ذلك، ویعزز فی المقابل من احتمال أنه كان فی إیران عند دخول الإسلام إلیها آثار لتعالیم الأنبیاء الإلهیین والحكماء الموحدین. كما أن الإیرانیین كانوا یعدون من أهل الكتاب وقد بلغت الحضارة الإسلامیة عن طریق الخدمات المتبادلة بین الإسلام وإیران ذروة التحضر. وثالثاً یثبت رأی حكماء مثل شیخ الإشراق بشأن وجود حكمة خاصة تنسب للحكماء الموحدین فی إیران القدیمة.

دور الدین ومكانته فی إیران القدیمة

كانت العقائد والأعمال الدینیة موجودة فی كافة المجتمعات البشریة، وقد نظر البشر للعالم دوماً من كوّة الدین. وقد كانت مكانة الدین فی إیران القدیمة هی الأخرى مكانة عظیمة وقیّمة للغایة. وعلى العموم، لم یخل التاریخ والثقافة البشریة أبداً وفی أیة حقبة زمنیة، من الدین بمفهومه العام، أو الأساطیر والمعتقدات الدینیة بمفهومها الخاص. والحقیقة أن هذه الأفكار الأسطوریة والدینیة هی التی تسببت بادئ ذی بدء فی تنسیق التحوّلات الثقافیة. إن الفكر الأسطوری والدینی هو الذی عمل على ظهور الفكر الفلسفی، والفكر الفلسفی والنظام الفلسفی هو الذی أنتج فی داخله الفكر العلمی والنظام العلمی. والمحصلة هی أن التحولات الهائلة فی الحیاة المادیة والمعنویة للإنسان منذ فجر التاریخ وإلى الآن كان لها على الدوام ثلاثة أركان هی: الدین والفلسفة والعلم.

فی إیران القدیمة كان للدین الدور الرئیسی بین هذه الأركان الثلاثة، فقد ربّى الحكمة ورعرعها فی داخله وعرضها على الثقافة فی إیران. وعموماً، فقد كان الدین فی إیران القدیمة وحتى فی إیران بعد الإسلام ظاهرة صانعة للمفاهیم والمعاییر والقیم، ویمكن ملاحظة ذروة هذه المحوریة الدینیة بوضوح خلال نحو 400 سنة من الحقبة الساسانیة. فی هذه الحقبة أضحى الدین أساس التعامل الاجتماعی ومصدر الأحكام الحقوقیة، سواء الجزائیة منها أو المدنیة، وملهم قیم الصراع مع الخصوم وجمیع الإیجابیات والسلبیات وحتى التصورات العلمیة.

لقد كان للقبائل الآریة فی البدایة أواصر فكریة متماثلة من حیث المعتقدات الدینیة. وعلى هذا الأساس كان دین الآریین فی إیران والهند متشابهین، وثمة الكثیر من القرائن والشواهد على هذه القضیة. لم یكن للآریین، شأنهم شأن الكثیر من القبائل البدویة المترحلة فی الصحراء، معتقدات وتشكیلات دینیة محددة. وكانت عقائدهم جدّ بسیطة ومن دون بهارج ورتوش. لقد كانوا یحمدون قوى الطبیعة التی تحسّن أحوال حیاتهم. وإلى جانب احترامهم ومدحهم للقوى المفیدة الصالحة كانوا یعتقدون أیضاً بقوى شریرة مضرّة من مظاهرها الظلام والقحط والجفاف، حیث كان الآریون یصورونها فی أذهانهم على شكل شیاطین. النقطة البالغة الأهمیة هنا هی أن الآریین كانوا یولون اهتماماً خاصاً من بین الآلهة المتعددة لإله أكبر هو على أغلب الاحتمالات أهورا مزدا. ولقد كانت تعالیم الدین الزردشتی العامل الذی طرح الإیرانیین كشعب موحّد فی التاریخ وأحیى روح عبادة الإله الواحد فی نفوسهم. فطبقاً لكتاب الأبستاق (الأوستا) كانت عبادة الأوثان والأصنام ذمیمة للغایة. لقد أسّست إیران القدیمة منذ بدایة ظهور اقتدارها، وفی عالم شاع فیه السحر وعبادة الأحجار والأصنام و...، أسّست للتعالیم الأخلاقیة وعلّمت العالم آنذاك التعالیم الثلاثة: الفعل الحسن، القول الحسن، الظن الحسن. یقول هیرودوت بصراحة إن الإیرانیین بخلاف سائر الأمم وطبقاً لمعتقداتهم القدیمة كانوا ینبذون عبادة الأصنام والأوثان وینفرون منها، وینظرون لها نظرة امتهان. ویوضّح كذلك أن الفرس لم یكونوا فی أسلوب عبادتهم ینحتون لآلهتهم تماثیل ولا یبنون معابد أو أماكن للتضحیة والقرابین، وینظرون لمن یفعلون ذلك بأنهم ذوو مراتب عقلانیة متدنیة، بل قد ینسبون لهم الجنون. كما منع الإیرانیون القدماء فی أرضهم تعالیم الكفر وقتل النساء والرجال للتضحیة بهم من أجل إرضاء الإلهة. ویستنتج أنه ربما كان مصدر مثل هذه الأحوال أن الفرس، وخلافاً للیونانیین، لم یكونوا یرون لآلهتهم صفات وخصوصیات بشریة.

یمكن الإشارة إلى بعض المعتقدات والتعالیم المؤثرة بشكل مباشر أو غیر مباشر فی تكوّن الفكر الدینی للإیرانیین قدیماً على النحو التالی:

1 - الإیمان بالخیر والشرّ كان من الركائز والخصوصیات الفكریة للإیرانیین. لقد خلق الإنسان على الأرض للمساعدة فی انتصار الحقیقة. یقوم نظام الدنیا وسیاقها أساساً على أساس رسالة، والوصول إلى هذه الرسالة یعتبر مطمحاً وأصلاً من الأصول. المراد من هذه الرسالة فی الفكر الإیرانی القدیم نظام وعقیدة تنتظم كل عالم الوجود وتسود كل الأمور الكلیة والجزئیة. واجب الإنسان هو أن یجعل نفسه متناسقاً منسجماً مع هذا النظام. من وجهة نظر الإیرانیین فی الزمن القدیم، هذا الانسجام مع الحقیقة والعدالة هو مبعث سعادة الإنسان فی الدنیا واستقرار المجتمع. من هنا یطرح داریوش الأخمینی فی غالب ألواحه نفسه باعتباره محباً للحقیقة، ویقول: «بإرادة أهورا مزدا، أنا أحبّ الصدق وأعرض عن الكذب».

2 - المیل إلى التوحید وعبادة إله واحد أساس آخر من الأسس الفكریة للإیرانیین القدامى فی العهد الأخمینی وما بعده. مع أن الآریین كانت لهم آلهة متعددة لكنهم مالوا تدریجیاً إلى تغلیب وتفضیل أحد الآلهة على غیره واعتبروه الإله الكبیر (أهورا مزدا). ویمكن استنباط هذه المسألة من ألواح ذلك العهد، وقد صرّحت معظم هذه الألواح بالعبارة التالیة: «الله الكبیر أهورا مزدا»، واعتبروا عبادة أهورا مزدا مبعث بركة ورحمة لهم.

3 - النقطة المهمة الأخرى فی هذا المضمار هی أن جمیع الملوك فی إیران القدیمة اعتبروا أنفسهم مختارین من قبل أهورا مزدا وغیره من الآلهة، وأكّدوا أن ملكهم وسلطانهم عطیة من أهورا مزدا لتنظیم أمور هذا العالم وتقویمها. وهذا ما یدل على تناغم الدین والدولة فی العصر القدیم. كما أن السیاسة الدینیة فی العصر القدیم كانت قائمة على حریة الأدیان، وعلى الرغم من إیمان الإیرانیین بأهورا مزدا فقد كانوا یسمحون للناس أن یعبدوا آلهتهم ویحمدوها ویتضرعوا لها. ولكن هذا التسامح الدینی ترك مكانه فی العصر الساسانی للدعوة إلى دین واحد، وخلافاً للعصرین الأخمینی والأشكانی حیث لم تكن هناك رغبة واضحة للتدخل فی الشؤون الدینیة للناس، كان الساسة الساسانیون یعملون على الدعوة والدعایة الدینیة فی كل بلادهم اعتقاداً منهم بأن الدین والدولة یسند أحدهما الآخر.

لا مراء فی أنه كانت هناك أواصر وثیقة بین حیاة الشعب الإیرانی قدیماً والمعتقدات الدینیة للمجتمع، وقد كانت الحكومات قائمة على ركائز دینیة متینة، وكان الملوك القدماء یحاولون عن طریق إبداء المیل للمعتقدات الشائعة فی المجتمع واسترضاء الأجهزة والمؤسسات الدینیة، تقویة دعائم حكمهم.

جدیر بالذكر أن البلاد الإیرانیة الواسعة من حیث الموقع الجغرافی الخاص والإمكانیات الثقافیة الواسعة كانت نقطة التقاء الثقافات والحضارات العظیمة، وبالتالی فقد كانت منطلق شیاع الأفكار والعقائد المتنوعة. وفی ضوء ذلك یوجد فی إیران القدیمة تنوّع فی التیارات والأفكار والمعتقدات الدینیة جعلت هذه الأرض ساحة لنفوذها ونشاطاتها. وقد كانت ردود الأفعال حیال هذه المدارس والمذاهب والمسالك متغیرة فی كل فترة من الفترات، ولو ألقینا نظرة منظمة لهذه القضیة وجدنا أن دور كل واحد من هذه التیارات والمعتقدات كان واضحاً وعمیقاً، لأن كل واحد من هذه المجالات كان - بشكل من الأشكال - ممهداً للتحولات والتطورات اللاحقة. یمكن الاستنتاج أنه فی العصر القدیم كان الدین هو الذی غیّر الكثیر من الأسس الاجتماعیة والسیاسیة والثقافیة فی عصره، ونشر الفكر العلمی والنظام العلمی فی حدود إقلیمه، وكان صانعاً للتیارات والمفاهیم والمعاییر.

الأدیان فی إیران القدیمة:

المعتقدات والآراء الدینیة للآریین القدماء

عقیدة المغان

عقیدة عبادة مهر أو المیترائیة.

العقیدة الزردشتیة.

العقیدة الزروانیة.

العقیدة المانویة.

العقیدة المزدكیة.

العقیدة البوذیة والهندوسیة.

معتقدات المیدیین والسكوثیین والأخمینیین والفرثیین.

المعتقدات والأدیان فی العصر الساسانی

الدین البوذی.

الیهودیة والمسیحیة فی إیران.

المعتقدات

فی العصور الخوالی كانت كل نشاطات الإنسان الفردیة والاجتماعیة والفكریة والجسمیة جزءاً من نشاطاته الدینیة. والواقع أن ما نسمّیه الیوم ثقافة كان یسمّى فی الماضی دیناً. هذه الأدیان سواء كانت بدائیة أو متطورة تتضمن كلها سلسلة من المعتقدات والروایات المقدسة التی تصطحب معها مراسم وطقوساً فردیة واجتماعیة متعددة، وكانت الحیاة تجری على أساس هذه المعتقدات والتقالید، وكانت المراسم تدور حول نشاطات مثل الولادة والبلوغ والزواج والموت والزراعة والحصاد، وهی من المراسم والنشاطات العالمیة الشائعة. وفی إیران القدیمة كانت هناك احتفالات النوروز ومهرگان وربما احتفالات القرن، ومراسم التتویج والملوكیة ومراسم الزرع والحصاد وكذلك المراسم السیاسیة، من بین أبرز المراسم. واللافت أن معظم هذه المراسم لها جذورها فی الثقافة المحلیة والهندیة والإیرانیة، وهذا ما یدل على تأثیر كبیر للحضارة المحلیة لآسیا الغربیة على الحضارة الآریة. صحیح أن العوائل والسلالات الآریة كانت تحكم شرق إیران وغربها وجنوبها، لكن ركائزها العقیدیة - الدینیة كانت فی الغالب من تلك الحضارة المحلیة فی آسیا الغربیة الممتزجة بمعتقدات الآریین. ولننظر مثلاً لمراسم الملوكیة، وسنتحدث عن مراسم النوروز فی موضع آخر.

ینبغی اعتبار مراسم الملوكیة فی العهد الأخمینی تتمة لمراسم الملوكیة بین المیدیین. ویحتمل أن تكون الملوكیة المیدیة نفسها قد استعارت مراسم الملوكیة فی بلاد ما بین النهرین، وخصوصاً المراسم الآشوریة.

طبقاً لرأی دومزیل الباحث الكبیر فی أساطیر الأقوام الهندأوربیة، فإن هذه الأساطیر تدلّ على نمط من الملكیة المزدوجة بین الهند والأوربیین. فی مجموعة أساطیر غالبیة الأقوام الهندأوربیین، یهتم الإله الكبیر غالباً بالأمور الإلهیة وقضایا العالم الكلیة، ویوجد إلى جواره إله آخر یُعنى غالباً بالشؤون البشریة. یوجد نظام إدارة العالم هذا فی ریغودا على شكل میتره - فیرونه (Mitra - Varuna)، إلّا أن الآثار الزرادشتیة المتوفرة بین أیدینا (گاهان وأوستا الجدید) لا تحتوی على مؤشر مباشر لمقام الملوكیة الروحانیة المزدوجة بین الهند وأوربا وبین الهند وإیران (ریغودا). فی گاهان لا یوجد أثر للآلهة باستثناء أهورا مزدا، وفی الأوستا الجدید والألواح الأخمینیة یختلف أهورا مزدا اختلافاً كبیراً عن باقی الآلهة. هذا مع أن مهر (تساوی میتره فیدائی) فی أوستا الجدید والألواح الأخمینیة المتأخرة لا یزال إلهاً كبیراً ومتمیزاً، بل إننا نجد فی الأوستا تركیبة Mitra - Ahra وهی أثر متغیر الشكل لمیتره - فیرونه. لكن الألهویة وبالتالی الملوكیة فی إیران لم تكن أمراً مشتركاً بین شخصین.

هذه الملوكیة الأحادیة التی لا تشبه نظام «الحكومة - رجال الدین» المزدوج المحدد فی الأساطیر الهندأوربیة والهندإیرانیة، تحولٌ له نماذجه وسوابقه التاریخیة الواسعة فی آسیا الغربیة. فی آسیا الغربیة وقبل فترات طویلة من ظهور الأخمینیین، كان للملوكیة شكل الاستبداد الشرقی بسبب نمو نظام الریّ الحكومی المتمركز. فی هذه الغمرة اتخذت الملوكیة الآشوریة فی الألف الأول قبل المیلاد شكل الاستبداد المطلق، بینما كانت مكانة الملك فی بابل لا تزال مقیدة ببعض القیود. كانت نماذج ملوكیة بلاد ما بین النهرین یجری تقلیدها بین أقوام غرب إیران ذوی العلاقة التاریخیة الطویلة ببلاد ما بین النهرین، وتعدّ هذه النماذج مؤشراً على تطور الملوكیة فی العالم المتحضر.

فی نفس هذا الألف الأول قبل المیلاد، ولیس للأسباب المذكورة بل لأسباب أخرى أیضاً، انتهى عهد تعدد الآلهة وظهر عصر التوحید. وقد أثر هذا الأمر أیضاً على نظام الحكم والدین فی إیران، ولم ترحب الأقوام الإیرانیة فی الألف الأول قبل المیلاد بالتوحید وحسب، بل جعلت السلطة المطلقة والمقدسة للملك الآشوری سلطة مطلقة مقدسة إیرانیة. فی بلاد ما بین النهرین كان المعتقد السائد هو أن ملك ما بین النهرین له أصل إلهی وكانوا یسمونه أحیاناً الله، وكان الملك مسؤولاً أمام الله فی رعایته للناس وعمارته للأرض، ولم یكن مسؤولاً إلّا أمام الله. الله هو الذی یمنح ملك ما بین النهرین الهالة الملوكیة، ولم تكن نجاحات الملك إلّا بفضل هذه الهالة الملوكیة، فإذا سلبه الله هذه الهالة سقط وفشل.

جميع الحقوق محفوظة لموقع مؤسسة الدراسات الإيرانية 2016 م

العنوان: طهران، شارع الشيخ البهائي (الجنوبي)، شارع إيران شناسي، مدينة والفجر )

التصميم والتنفيذ: دائرة الحاسبات و تقنية المعلومات