بنیاد ایران شناسی-موسسة الدراسات الایرانیة

الحكيم عمر الخيام النيشابوري.. المنجم وعالم الرياضيات وشاعر القرن السادس الهجري

بمناسبة 18 أيار يوم إحياء ذكرى الحكيم عمر الخيام

الخواجه الإمام، حجة الحق، الحكيم أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام النيشابوري، من الحكماء والمنجمين وعلماء الرياضيات والشعراء الإيرانيين الكبار، عاش في أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس للهجرة خلال العصر السلجوقي. ليس من المعروف سنة ولادته لكن الثابت هو أنه ولد في القرن الخامس الهجري. يعتقد الباحث المرحوم عباس إقبال آشتياني أنه من تلامذة ابن سينا. وكان من مشاهير الحكماء والمنجمين والأطباء وعلماء الرياضيات والشعراء. يذهب معاصروه إلى أنه كان من أتباع ابن سينا في الحكمة، وكانوا يعتبرون آراءه في النجوم من المسلمات ويراجعونه في الأعمال العلمية الكبرى من قبيل الأرصاد وإصلاح التقويم وما شاكل. سافر طوال حياته إلى سمرقند وبلخ وهرات وإصفهان والحجاز.

للخيام النيشابوري في الشعر آثار عديدة اشتهرت منها رباعياته ومجموعة أشعاره التي عنوانها «نوروزنامه».

وكذلك فإن النوروزنامه كتاب باللغة الفارسية حول ظهور احتفالات النوروز وتقاليده.

لقد قدم الخيام النيشابوري خدمات جليلة للعلم البشري في مجال الجبر والمقابلة. ومكتسباته وإنجازاته العلمية للمجتمع البشري متعددة وكثيرة وجديرة بالنظر. وقد كان أول من صنف في تاريخ الرياضيات معادلات الدرجات الأولى إلى الثالثة على نحو مثير للإعجاب، ثم استخدم الرسوم الهندسية القائمة على المقاطع المخروطية فاستطاع بذلك تقديم حلول عامة لها جميعاً.

في زمن ملكشاه السلجوقي وبإشراف من وزيره المشهور الخواجه نظام الملك، أجريت بحوث واسعة من قبل جماعة من علماء الرياضيات ومنهم عمر الخيام لإصلاح التقويم. وكانت ثمرة هذه البحوث إصلاح التقويم الذي كان شائعاً في ذلك الزمان وتنظيم التقويم الجلالي (لقب السلطان ملكشاه السلجوقي). في التقويم الجلالي تعادل السنة الشمسية تقريباً 365 يوماً وخمس ساعات و 48 دقيقة و 45 ثانية. وللسنة في هذا التقويم إثنى عشر شهراً لكل واحد من الأشهر الستة الأولى منها 31 يوماً، والأشهر الخمسة التالية لكل واحد منها 30 يوماً، أما الشهر الأخير فيتكون من 29 يوماً. وبعد كل أربعة أعوام هناك سنة واحدة كبيسة يتكوّن شهرها الأخير من ثلاثين يوماً وتتكون هي من 366 يوماً. في التقويم الجلالي هناك اختلاف زمني يعادل يوماً واحداً في كل خمسة آلاف سنة.

قيل عنه أنه بالرغم من علمه وثقافته الواسعة فقد كان من الناحية الأخلاقية فضاً شديداً للغاية.

وهناك شكوك بشأن سنة وفاته، فقد ذكر البعض أنه توفي سنة 509 للهجرة، وقال آخرون إنه توفي عام 517 للهجرة، وذهب فريق آخر إلى أنه توفي ما بين 506 و530 هجرية.

للخيام النيشابوري أشعار بالفارسية والعربية وكتب باللغتين. وقد ظهرت بحوث وتحقيقات كثيرة باللغة الفارسية واللغات الأخرى حول رباعياته الشهيرة التي ترجمت لمعظم لغات العالم الحية، وقد عرّفه إدوارد فيتزجرالد للعالم الغربي بعد ترجمة رباعياته للغة الإنجليزية.

الترحيب والإقبال المنقطع النظير الذي حظي به الخيام وأفكاره في العالم كان سبباً في ترجمة هذه الرباعيات إلى الكثير من لغات العالم، وقد أرفقت كثير من هذه الترجمات بتحقيقات وبحوث حول سيرة عمر الخيام وآثاره وأفكاره. وقد كان بعض رباعيات الخيام أو التي تنسب له مصدر أساطير وحكايات. في ضوء أسلوب هذه الرباعيات فمن مجموع الرباعيات التي اشتهرت باسم عمر الخيام هناك 178 رباعية اعتبروها له، ولكن وفقاً للبحوث والتحقيقات فإن الأكيد والمتيقن منه هو نسبة 66 رباعية له، إذ لا يوجد أي شك في أنها من نظمه.

رباعيات الخيام بسيطة جداً وبعيدة عن التكلف، وهي مع ذلك في منتهى الفصاحة والبلاغة وتحتوي على معان راقية عميقة وجزالة في الألفاظ ومتانة في الصياغة. وقد عبّر الخيام في رباعياته عن أفكاره وتأملاته الفلسفية.

لم يكن الخيام النيشابوري في حياته مشهوراً بالشعر، فقد نظم رباعياته تعبيراً عن أفكاره الفلسفية ولم يكن يقصد منها الشعر، لذلك ذاع صيته في زمن حياته كفيلسوف وحكيم أكثر منه شاعراً. ولكن بعد ذلك اكتسبت رباعياته شهرة كبيرة وأدرج اسم صاحبها في عداد كبار شعراء الفارسية.

المصادر:

ــ صفا، ذبيح الله، تاريخ الآداب في إيران، المجلد الثاني، طهران، ابن سينا، 1351 هـ ش، 1972 م.

ــ نظامي عروضي سمرقندي، المقالات الأربع، بتحقيق محمد معين، طهران، ابن سينا، 1348 هـ ش، 1969 م.

جميع الحقوق محفوظة لموقع مؤسسة الدراسات الإيرانية 2016 م

العنوان: طهران، شارع الشيخ البهائي (الجنوبي)، شارع إيران شناسي، مدينة والفجر )

التصميم والتنفيذ: دائرة الحاسبات و تقنية المعلومات